JNCTV

على الرغم من اللقاء الذي نال دعاية ضخمة بين الرئيس ترامب والدكتاتور الشيوعي في كوريا الشمالية كيم جونغ اون في سنغافورة في شهر حزيران الماضي، لا تسير الامور على ما يرام على صعيد نزع السلاح النووي. لقد الغى الرئيس ترامب للتو زيارة الى كوريا الشمالية كان ينوي القيام بها وزير الخارجية الاميركي (ومدير الاستخبارات المركزية سابقا) مايك بومبيو قبل فترة وجيزة. وقد رد المسؤولون في كوريا الشمالية على هذا الالغاء باعلان ان المحادثات المتعلقة بنزع السلاح النووي تتعرض لخطر الانهيار كليا.
كما ان كوريا الشمالية تتهم الولايات المتحدة بالاعداد لمؤامرة اجرامية بهدف اشعال حرب على كوريا الشمالية، في حين ترسم ابتسامة على وجهها. وتتهم الجيش الاميركي بتنفيذ تدريبات في الفلبين استعدادا لشن غزو على كوريا الشمالية. وقد رد الجيش الاميركي بانه لا يدري شيئا عن هذه التدريبات، لكن اشار في الوقت ذاته الى ان الطائرات والسفن الاميركية تعمل يوميا من اليابان دعما لالتزامات اميركا تجاه حلفائها وشركائها في المنطقة والمصالح المتعلقة بالامن والسلام الاقليمي.
من جهة اخرى، ورغم ان الرئيس ترامب اعلن بعد لقاء سنغافورة ان الازمة مع كوريا الشمالية قد انتهت وان بمقدور الاميركيين ان ينعموا بالاطمئنان مجددا، واصل ترامب وفريقه الخاص بالامن القومي نظامهم المتسم بالعقوبات الاقتصادية القاسية بحق كوريا الشمالية. وهدفهم الذي لا يحيدون عنه يكمن في الاستمرار بنزع مقومات الحياة عن شعب كوريا الشمالية حتى تقرر كوريا الشمالية ان تدمر فعليا اسلحتها النووية.
ترفض كوريا الشمالية نزع سلاحها النووي حتى تتخذ اميركا خطوات تثبت انها لا تنوي تغيير النظام الحاكم في كوريا الشمالية. من جهته، اصر ترامب على ان كوريا الشمالية مجبرة على نزع سلاحها النووي اولا ومن ثم سيقوم ترامب بتحويل كوريا الشالية الى مجتمع مزدهر. وهكذا يبدو الموقف جامدا في الواقع.
ولكن الحقيقة هي ان كوريا الشمالية لن تتنازل عن اسلحتها النووية على الاطلاق، بغض النظر عما يفعله السيد ترامب. ويعود السبب في هذا الامر الى ان كوريا الشمالية تعلم جيدا انها في اللحظة التي ستتخلى فيها عن سلاحها ستصبح الى حد كبير خالية الوفاض وعلى الهامش في عيون السيد ترامب والاستخبارات المركزية والبنتاغون بنفس الطريقة التي بات عليها كل من نيكولاس مادورو في فنزويلا وميغيل دياز كانل في كوبا ودانيال اورتيغا في نيكاراغوا. علاوة على ذلك، تدرك كوريا الشمالية انه ليس من سبيل الى ان تمنح ثقتها للمسؤولين الاميركيين على الاطلاق في ان يلتزموا بوعودهم حيال اي من النقاط التي تخص هجر هدفهم القائم منذ مدة طويلة والمتمثل في تغيير النظام في كوريا الشمالية.
من وجهة نظر كوريا الشمالية، كانت قمة سنغافورة عبارة عن نصر دعائي ضخم، نصر مكنها من انتاج تسجيل مرئي جميل للشعب الكوري الشمالي، يظهر فيه الرئيس الاميركي وهو يسير جنبا الى جنب مع الديكتاتور الشيوعي لكوريا الشمالية ويتفاوض معه ويعقد معه صداقة ويمطره بالمجاملات بل ويحيي واحدا من جنرالاته الشيوعيين القساة. لم يكن ليحدث هذا مطلقا لو لم يكن لدى كوريا الشمالية اسلحة نووية، وتدري كوريا الشمالية ايضا انه ما من فرصة حقيقية لحدوثه من جديد في حال تخلصت البلاد من اسلحتها النووية.