صالح اشتيان المدادحة .. الى رحمة الله


أخر الأخبار

صالح اشتيان المدادحة .. الى رحمة الله

06-06-2024 06:11 PM

JNCTV

صالح اشتيان المدادحة هو ابن الشيخ المرحوم اشتيان المدادحة احد اعمدة عشائر الكرك الذي ارتبط اسمه بمنطقة الثلاجة التي تمتد بمحاذاة القلعة وسيد من سادة عشائر العجام " المدادحة والمحادين والشمايلة ".


على نهج والده الحاج اشتيان سار صالح المدادحة وانطبعت رحلة حياته العملية وحضوره الاجتماعي فكان يرحمه الله احد اهم رجالات الاردن الذين جابوا البلاد من شمالها الى جنوبها وتفاعلوا مع الناس فتلمسوا أوجاعهم وهمومهم ويسروا خدمات الدولة للتخفيف عنهم.


التحق العم ابو عماد في سلك الحكم الاداري بوزارة الداخلية منذ مطلع الخمسينيات من القرن الماضي وترقى في سلم ومراتب العمل.
فقد عمل برتبة مدير ناحية وترقى الى درجة قائم مقام ليخدم في العديد من اقضية المملكة واصبح بعدها متصرفا للعديد من ألوية الاردن ومنها الطفيلة التي سعدت بأن كان حاكما اداريا لها اكثر من مرة وقبل ان يتقاعد في ثمانينيات القرن الماضي لمتابعة اهتماماته الزراعية ونشاطه الاجتماعي ويعود من وقت لاخر لممارسة هواية الصيد هذا الشغفه الذي لازمه منذ صباه .


لقد احب ابو عماد الاردن وبقي متعلقا بالهوية الاردنية مؤمنا بقدرة الانسان الاردني على العمل والتأثير ومقتنعا بأن العمل الجاد المخلص والايمان بخصوصيتنا الثقافية هي المرتكزات الأهم للبقاء والتنمية والنهوض.
قابلت المرحوم للمرة الأولى يوم كان مديرا للقضاء في بلدتنا قبل اكثر من نصف قرن وقد شدني الى هذه الشخصية طلتها الاردنية والكوفية التي لا اظن انه توقف عن ارتداءها ابدا. كان ابو عماد رجلا مستدير المحيا ذا وجها سمحا وملامح تبعث على الثقة والارتياح.


لم يكن لاحد في مثل عمري ان يلتقي الحاكم الاداري للقضاء في تلك الأيام لولا أن الرجل كان محبا للصيد ويقضي اكثر من نصف إجازاته السنوية في رحلات الصيد التي يتوجه فيها للجبال الوعرة القريبة من قريتنا عيمه بمرافقة ابناء عمومتي الذين يعرفون الجبال وطياتها وممراتها وكهوفها كما يعرف احدنا كف يده.


كان صالح عطية و وكايد عبدالعزيز ومحمد عطية الربيحات رفاق ابو عماد في رحلات الصيد التي تستمر لأيام يعودون بعدها محملين دوابهم بلحوم الغزلان والماعز الجبلي...بالنسبة لنا كاطفال كان ذلك يعني اننا سنتلقى نصيبا من هذا القديد الطيب الذي لا يتاح للكثير من اقراننا تذوقه...


في صيف عام ١٩٧٣ وبعد اجتيازي للثانوية العامة وتسجيلي طالبا في كلية العلوم التربوية في الجامعة الاردنية التقيت الابن الاكبر للشيخ صالح اشتيان وكان عماد أقرب الزملاء الى قلبي واصبحنا رفاق ظراسة واصدقاء نسجل موادنا وننسق جداولنا لكي نقضي وقتا أطول معا.


كان عماد اكثر جيلنا وسامة وابعد ابناء الأطراف عن مظاهر شظف العيش فكانت الرفاهية النسبية تتبدى على مظهره الخارجي وسلوكه وتهذيبه ومع ذلك كان عماد دمثا محبوبا يستلطفه الجميع.


بعد سنوات الدراسة وبحكم الصداقة التي ربطتني بعماد التقيت بالمرحوم مرارا وفي كل مرة اشعر اني أمام صورة فلاح المدادحة الذي سمعت عنه ولم التقيه فكلاهما يرتدي الحطة بالرغم من اختلاف الالوان وكلاهما ولد في قرية الثلاجة وخدم في الداخلية ولا يعرف عن أي منهما الى الصرامة الممزوجة بالوفاء والانتماء والحلم.


بعد تخرجنا من الجامعة عملت معلما في التربية والتعليم والتحق عماد بسلك المخابرات وعادت الاقدار لتجمعنا في دورتي تدريب منفصلتين انا في دورة اعداد وتأهيل مع مرشحين جميعهم من الإمارات العربية وقطر وعماد في دورة تاسيسية لضباط المخابرات مع سبعة من الزملاء الذين حفروا اثرهم في نفوس وذاكرة من عرفهم.كما نتدرب في نفس الميدان وننام في نفس الجناح.


مضت الأيام وزرنا ابو عماد في منزله في المزار بعد ان اصبحت ضابطا في الامن العام بصحبة عدد من الزملاء واستمرت علاقة الأخوة والمحبة والاحترام على مدى العقود مع هذه الاسرة النبيلة ..
اليوم تلقيت نبأ رحيل هذا الرجل الشهم الذي يذكرنا بكل ما هو خير وكل ما هو طبيعي وعفوي وأصيل فتداعت في راسي الصور واسترجعت الكثير من القصص والحكايات التي عشناها وعاشتها بلادنا في زمن لا ولن يعود.
الرحمة لروحك يا ابو عماد واطيب العزاء للباشا عماد والباشا جهاد والأخوة زياد و اياد وسائر اعضاء اسرة الفقيد وانا لله وانا اليه راجعون.

د. صبري اربيحات

تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات
تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع JNCTV بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع JNCTV علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :